وقفت على عتبة بابه .. أختلس النظر إليه من بعيد ...
أتأمل جدران غرفته .. وهو قابع فيها .. وحيد ...
لا أحد معه .. سوى الله .. أُنْس وحدته .. الموحشة ...
وملائكة الرحمة التي تدعوا له .. بالشفاء والمغفرة ...
وقفت بعيدة عنه .. أتأمل حاله .. شكله .. وما آل إليه المصير ...
فما وجدته يا قلمي .. سوى ورقة عمر .. خريفية ...
صفراء .. قاحلة .. معلّقة أنفاسها الراحلة ...
بين أغصان .. شجرة العمر .. من الحياة ...
ينتظر أجله المحتوم من السقوط .. والدفن في المقبرة ...
لكي يزف للجميع .. نبأ رحيله عن الدنيا ...
فالجسد هنا منهك أعياه المرض .. والعقل غائب عن الوعي ...
والأنابيب المغذية فيه .. قد شقّت طريقها .. في شريان الوريد ...
أملاً في تحريك الدم .. وعودة النبض .. إليه من جديد ...
ولتشرق شمس الأمل .. على محيا الجميع ...
لكن لا أمل بعد اليوم ..!!
طالما الصحة .. قد فقدت بريق لمعانها من العافية ...
والقوة الجسدية أصبحت ضعيفة على حافة الخِوار ...
هنا وددت .. وفي هذه اللحظة المؤلمة من التوجس ...
أن أتجه إليه .. !! لكنني لم أستطع التقدم ..!!
فرجلاي لا تقوى على المشي ...
رغم المخلوق الكائن أمامي ...
مسجى على السرير .. لا يقوى على التحرك أوالمسير ...
حاولت أن أحبس ريق نفسي من الداخل ...
وأكتم عبراتي من الهطول...
لكنني لم أستطع .. سوى .. ذرف الدموع ...
فمشاعر الأحاسيس والألم .. كانت أقوى عليّ من الصمود ...
فاستسلمت للبكاء .. أملا في تخفيف الأوجاع ...
وعاهدت ربي أن أستغل صحتي وشبابي في كل ما يرضيه ...
حتى إذا رحلت من هنا أكون قد أديّت الأمانة ...
وقد بلغت لكم رسالتي على أتم وجه من المعنى ...
أخي الكريم // أختي الكريمة ...
الصحة والعافية من أكبر النعم التي أنعمها الله علينا ...
لن نعرف قيمتها إلا وقت المرض ...
ولن نتقرب إلى الله أكثر .. إلا وقت الشدة .. والمحن ...
فالحياة التي نعيشها .. قصيرة .. وإن طالت .. أيامها ...
والفرحة منّا .. ذاهبة .. وإن دامت .. مسرّاتها ...
والصحة لابد أن يعقبها .. السقم ...
والشباب لابد أن يلحقه .. الهرم ...
لذا وجب علينا أن نعرف قيمة هذه النعمة من الصحة والعافية ...
وأن ندرك في أنفسنا مدى قيمة أهميتها في حياتنا .. وشبابنا ...
وإذا أردت أيها القارئ أن تتعرف إليها أكثر ...
ما عليك سوى القيام بزيارة سريعة إلى المرضى ...
داخل أروقة المستشفى ...
الق ِ نظرة عليهم .. وتفقد أحوالهم الصحية ..
ثم اعقد مقارنة بين حالك .. وحالهم .. من المرض والصحة ...
ستجد حينها الفرق كبير جداً ...
وإنّك في نعمة مغبوطة .. يحسدك الكثير عليها ...
أخيراً // همسة في أذنك أيها القارئ ...
اشكر الله .. على نعمة الصحة والعافية .. ليلاً .. ونهاراً ...
تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة ...
ولا تنسى أنك مسئول عن صحتك وشبابك ...
فحافظ عليها ...